في العصور الفرعونية كانت صحراء النوبة تشتهر بمناجم الزمرد، التي كانت تصدر الزمرد إلى قصور حكام بلاد فارس والهند وبيزنطة، كما اكتشفت كميات منه في مقابر ومعابد في المكسيك والبيرو وكولومبيا وكان الإمبراطور الرومي نيرون يهوى مشاهدة مصارعة العبيد من خلال بلورة كبيرة من الزمرد.
وقد حظى الزمرد باهتمام بالغ من لدن الإنسان منذ أقدم العصور وتبوء مكانة تاريخية رفيعة بين الأحجار الكريمة التي استخدمها الإنسان لأول مرة في صنع المجوهرات. ولفت جماله الرائع انتباه قدماء المصريين والبابليين والاشوريين والهنود منذ آلاف السنين فرصعوا به حليهم وعقودهم. فمنذ نحو 5000 عام ساح المصريون في الصحراء بحثًا عنه ليتخذوه زينةُ وتمائم. ورد في أحد أقدم المؤلفات الفلسفية وهي تعاليم بتاح حوتب1 التي تعود إلى أوائل الألف الثالث قبل الميلاد حكمة تقول (الكلام الجميل أنور من الزمرد الذي نعثر عليه بين الحصى)، ثم جاءت التوراة لتصفي عليه قدسية وهيبة عندما اوصت بوضعه في الصف الأول من صدرة القضاء المرصعة بأثنى عشر حجرًا تمثل اسباطهم. وفي الأنجيل ذكر الحجر الكريم في ثلاثة مواضع من رؤيا يوحنا اللاهوتي وقيل إن مائدة سليمان في رومية صنعت من زمرد أخضر. وقيل أن أسرار الصنعة وستمائة لسن لمختلف أنواع الأحجار الكريمة كان قد دونها هرمس الهرامسة (وقيل ساره زوج إبراهيم الخليل عليه السلام) على لوح من الزمرد زعموا أن الاسكندر المقدوني عثر عليه في مغارة بالقرب من صيدون في فلسطين. ونقل عن ملوك اليونان من أرباب الحكمة تفضيلهم إياه على سائر الأحجار. وقد دأبوا على تقديمه لفينوس آلهة الجمال عندهم.
وفي أيام كليوباترا كانت مناجمه بمصر ملكًا لها تنقش على بعضها صورتها لتهديها إلى المقربين وعرف عن يوليوس قيصر ولعه الشديد باقتنائه وجمعه لجماله وقيمته ولما كان ينسب إليه من قدرات.
وفي حوالي القرن الثاني قبل الميلاد، تنبأ هيرودوت بوجود كنز زمرد في صحراء شمال أفريقيا وأشتهر باسم كنز الكرمانت وقد كان لنبوءته تلك أبلغ الأثر في اكتشاف كنوز البترول الجزائرية الحديثة2، واشتملت أبهى هدايا نابليون لزوجته جوزفين على أجود الزمرد كما شكل أروع ماضمته خزانة كاترين إمبراطورة الروس التي بيعت عام 1906 برمتها بقيمة 770000 دولار. ولم تكن مكانة الزمرد لدى العرب بأقل من مكانته لدى غيرهم فكان البيروني يقول (الجواهر الفاخرة في الأصل ثلاثة الياقوت والزمرد واللؤلؤ) ووصفه الشيخ الانطاكي بأنه شريف في الجمادات كالذهب في المنطرقات.